شاء الله وقدر لنا دخول أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في رمضانَ الصيفَ
الماضي ، لقد كان صيفا قاسيا جدا على المسجد الاقصى خصوصا وعلى مدينة القدس
ومحافظتها عموما للآن ،ولكن خريفه كان خريفا يزخر بالبطولات والعزة والكرامة على
المسجد الأقصى ..كان قاسيا بحجة أسر ثلاثة مستوطنين في جنوبي محافظة بيت لحم ،
وبسبب حرب غزة الإجرامية الهمجية النازية ،فكان ذلك سببا لتشديد الحصار والخناق
على المسجد الأقصى فهو منبع للاحتجاجات وإثارة الشغب كما يعتقدون ..لقد كان صيفا
حزينا على المسجد الأقصى المبارك ..يشعر الناظر إليه بحزنه ووحشته .لقد كان مليئا
بمن يؤنسه في أعوام ماضية...السياح فيه أكثر من المصلين أحيانا ..اقتحامات شبْه
يوميّة من قبل المتطرفين ...في ظهيرة أحد الأيام تسللت لواذا مع من يدخلون المسجد
الأقصى . ..دخلت المسجد الأقصى ..ابتدأت زيارتي بزيارة تلك القبة الذهبية الشامخة
شموخَ العظام وقفت أمامها متأملا متمعنا في جمالها وعظمة بنائها ..دخولك للمسجد
الأقصى وقبة الصخرة ينسيك هموم الدنيا ..تندثر همومك وتنجلي عن قلبك وأنت تحدق
النظر فيهما ..تحل البهجة في قلبك ويمتلأ فرحا وسرورا ...قضيت ليلتي ولم يكن
مسموحا المبيت حينئذ وذلك بعد جولة في ربوع الحرم القدسي ومعالمه ..استشعرت فيها
عظمة التاريخ وفن العمارة ورونق الحضارة ..وفي صباح اليوم التالي نمت بعدما صلينا
الفجر وقد غمضت عيناي بعدها ..طلعت الشمس وأشرقت. ..وأنا نائم شعرت بمن يهزني
ويقول لي استيقظ هيّا اذهب للرباط مع المرابطين عند باب المغاربة فهناك أنباء عن
محاولات لاقتحام الأقصى من قبل المتطرفين من جماعة الهيكل وعلى رأسهم المتطرف
الخطير والكبير #إيهودا_غليك - الذي أصيب في أكتوبر
الماضي ولم يكتب له الموت فما زال حيا -..الطف يارب..خرجت بسرعة ..وصلت الجماعات
المرابطة ..يهتفون الله أكبر ..الله أكبر ..وشعارات أخرى هتفت معهم.. أغلقوا
الطريق على الداخلين والخارجين من باب المغاربة ..مكثت ثم انتقلت إلى ساحة قبة
الصخرة ..وصلت الساحة وإذ بالمرابطات من حرائر الأقصى وفلسطين يرابطن ويصرخن
ويهتفن ويلقين الشعارات وينادين (هذا الأقصى لأصحابه مش لغليك وكلابه )...مشيت في
الساحة أنظر ..أبحث عن غليك المتطرف ..وإذ به يدخل من جهة باب حطة بعدما كانت
التوقعات أنه سيدخل من باب المغاربة وهذا هو المفروض فهو الباب الوحيد الذي تمتلك
الشرطة الإسرائيلية مفاتيحه والذي يخصص لدخول جماعات المقتحمين المتطرفين و السياح
الأجانب... وصل غليك إلى ساحة قبة الصخرة ..جنود من ذوي القامات الطوال وأجسام
البغال - وهم من أسوأ الأجهزة وأعنفها ويعرفون بالقوات الخاصة (الياسام) ويتبعون
جهاز الشرطة - يحيطون به حراسةً له وقد كان ذا شعر بني اللون ووجه مائل للبرص
والشقار ..كان يتفقد بعض الأماكن من تلك الجهة ..وعندما وصل أطراف ساحة قبة الصخرة
المبلطة بالحجارة المربعة تصدت له المرابطات وَلِمنْ معه وهن يرددن الهتافات
ويلقين الشعارات ومنها ما ذكرت آنفا ..حاولن اعتراض طريقه ...قام أحد الجنود
الضخام بإمساك إحدى المرابطات من رقبتها وألقى بها على الأرض بعنف واعتدوا على
زميلاتها وهن يصرخن ويهتفن ..واقف أنا أتابع عن بعد يا إلهي!! ماذا يجري؟ لقد ضربت
حرائر فلسطين يا للعار!! ماذا أرى؟؟!! ..أصبت بالذهول وبهت وأنا أنظر ..لا تكاد
تصدق عينايَ الذي يجري!!. .. ماذا عساني أفعل ..دمي يحترق وقلبي يشتعل غضبا وحرقةً
..النار مشتعلة في صدري ..لا أستطيع أن أصف ذاك الشعور الذي كان يراودني ..منظر
فظيع ..يحرك الضمائر الحية يحرك الشجر والحجر !! أريد أن أفعل شيء ..الجنود يعتدون
على حراس الأقصى لا أحد مستثنًى من الضرب ..ليس باليد حيلة ..أراقب المشهد ..كان
يقف بجانبي مجموعة من السياح الشقر ..أحاول أن أعبر عن غضبي ..أتكلم مع أحدهم
أرأيت؟ هذا سيء جدا ..هذه هي إسرائيل ..يجيبني السائح : نعم ، نعم ..أنظر إليهم
..أحاول أن أعبر ..قد يقومون بتصوير المشهد ..قد يفعلون شيئا ..قد يتوسطون
ويتدخلون لوقف ذلك الإجرام بحق الحرائر والمرابطات...لله دركن يا حرائر فلسطين
والقدس فأنتن بألف رجل يعد نفسه من الرجال ويسكت عما يرى قي أقصى المسلمين كافة!!
..لا أحد يحرك ساكنا ..لا أستطيع أن أصف ذاك المشهد ..لقد كان مشهدا مؤلما ..يا له
من ظلم !! يا له من احتلال مجرم !! ..خرج المتطرف من باب آخرَ بعد أن أتم جولته
بحماية الجند..سرت متألما غاضبا محترقًا قلبي ذهولا لما رأيت ؛ سرت أبحث عن فيء
شجرة ..أستظل بظلها ..أرتاح قليلا ..رأيت أحد الحراس جالسا على الأرض متكئا على
سور ...جلست على كرسي بجانبه ..تبادلنا أطراف الحديث حول ما جرى ويجري ... بدأت
الإشارات تأتي وترد إلى أجهزتهم اللاسلكية والتي تفيد بأن الحراس ؛ حراس المسجد
الأقصى سيطردون السياح بعد فترة وجيزة ولن يسمحوا لهم بوقت كالذي كانوا يأخذونه
..أعطيت الإشارة بإفراغ الحرم القدسي الشريف بأكمله من السياح حالا وذلك ردا على
اقتحام غليك ومن معه للأقصى وردا على ممارسات الشرطة ..بدأت عملية طرد السياح
..طلب مني حارس الأقصى ذو الستينات من العمر أن أساعده في طرد السياح ...تمت
العملية بسلام وطُرد وأخرج كل السياح من الأقصى ومن معهم من أدلاء وتم إخراجهم من
باب السلسة ...لقد كان يوما عصيبا على الآقصى ومرابطيه ..حفظ الله أقصانا وحرره من
دنس الغاصبين المعتدين إنه سميع قريب مجيب ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق